فصل: (سورة غافر: آية 19):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة غافر: آية 15]:

{رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ (15)}.
وقوله سبحانه: {رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ (15)}. وفى هذه الآية استعارتان.
إحداهما قوله تعالى: {رَفِيعُ الدَّرَجاتِ} والمعنى: أن منازل العز، ومراتب الفضل التي يخصّ بها عباده الصالحين، وأولياءه المخلصين رفيعة الأقدار، مشرفة المنار.
فالدرجات المذكورة هي التي يرفع عباده إليها، لا التي يرتفع هو بها. تعالى عن ذلك علوّا كبيرا.
والاستعارة الأخرى قوله سبحانه: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ} والرّوح هاهنا كناية عن الوحى كقوله تعالى: {وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنا} وإنما سمّى روحا لأن الناس يحيون به من موت الضلالة، وينشرون من مدافن الغفلة. وذلك أحسن تشبيه، وأوضح تمثيل.

.[سورة غافر: آية 19]:

{يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ (19)}.
وقوله سبحانه: {يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ (19)} وهذه استعارة. والمراد بخائنة الأعين- واللّه أعلم- الرّيب في كسر الجفون، ومرامز العيون.
وسمّى سبحانه ذلك خيانة، لأنه أمارة للريبة، ومجانب للعفة.
وقد يجوز أن تكون خائنة الأعين هاهنا صفة لبعض الأعين بالمبالغة في الخيانة، على المعنى الذي أشرنا إليه. كما يقال: علّامة، ونسّابة.
وأنشدوا قول الشاعر في مثل ذلك:
حدّثت نفسك بالوفاء ولم تكن ** للغدر خائنة مغلّ الأصبع

أي لم تكن موصوفا بالمبالغة في الخيانة. ومعنى مغلّ الأصبع: أي سارق مختلس.
وأضاف الأغلال إلى الأصبع، كما أضاف الآخر الخيانة إلى اليد في قوله:
أولّيت العراق ورافديه ** فزاريّا أحذّ يد القميص

أي خفيف اليد في السرقة والأخذ الخفيف السريع. وعنى برافديه: دجلة والفرات.
وإنما ذكرت اليد والأصبع في هذين الموضعين، لأن فعل السارق والمختلس في الأكثر إنما يكون باستعمال يده، واستخدام أصابعه. اهـ.

.فصل في التفسير الموضوعي للسورة كاملة:

قال محمد الغزالي:
سورة غافر:
سورة المؤمن أولى السور السبع المبدوءة بهذين الحرفين {حم} وتسمى الحواميم. قال ابن مسعود: آل حم ديباج القرآن! وقال ابن عباس: إن لكل شيء لبابا، ولباب القرآن آل حم. والواقع أن المرء يشعر بالدهشة والتعجب لوفرة دلائل التوحيد فيها، وسرعتها إلى امتلاك زمام القلب. وهذه السورة بدأت بقوله تعالى: {حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم}.
واسما العزيز والعليم من أسماء الله الحسنى، وآثارهما تمتد إلى الكتاب النازل من لدنه جل شأنه. قال ابن كثير أي تنزيل هذا القرآن من الله ذى العزة والعلم، فلا يرام جنابه، ولا يخفى عليه الذر وإن تكاثف حجابه!! {غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول}. من سنن القرآن الجمع بين الوعد والوعيد، ليظل الإنسان محكوما بمشاعر الخوف والرجاء: {اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم}. إن الإنسان محتاج دائما إلى منشطات الأمل وكوابح الغرور، فإن يأسه من النجاح يقوده إلى السقوط، واغتراره بما عنده يمنعه السبق.
وقد حكى ابن كثير قال: كان رجل من أهل الشام ذو بأس يفد إلى عمر بن الخطاب، فافتقده عمر لما غاب عنه، فقالوا له، يا أمير المؤمنين تتابع في هذا الشراب!! فدعا عمر كاتبه، فقال اكتب: من عمر بن الخطاب إلى فلان بن فلان. سلام عليك. فإنى أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو {غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذى الطول لا إله إلا هو إليه المصير}. ثم قال لأصحابه: ادعو الله لأخيكم أن يقبل بقلبه ويتوب الله عليه. فلما بلغ الرجل كتاب عمر جعل يقرؤه ويردده ويقول: غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، قد حذرنى عقوبته ووعدنى أن يغفر لى. ولم يزل يرددها على نفسه، ثم بكى ثم نرع فأحسن النزع. فلما بلغ عمر خبره قال: هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أخا لكم زل زلة، فسددوه، ووثقوه أي لا تجعلوه يفقد الثقة في نفسه وادعوا الله له، ولا تكونوا أعوانا للشيطان عليه.. وقد أثبت هذه القصة لأنه يوجد في عصرنا مقنطون من رحمة الله يحسنون إرسال طلقات التقريع والإهانة، وكأن غايتهم إهلاك المرء حيث زلت قدمه!! بينما يوجد من أعداء المسلمين من يلتقط العاثرين ليخرجهم من الملة بعد ما يعدهم المغفرة!! ومن اللطائف أن هذه السورة تسمى سورة غافر، وهى تعلن حربا على الجدال السيئ والمكابرة بالباطل والتعامى عن الحق.
قال تعالى: {ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب}؟ وتكررت كلمة الجدال خمس مرات في هذه السورة، كاشفة الغطاء عن أسلوب المبطلين في معاملة الحق. إنهم أصحاب عناد، وليسوا أتباع دليل، يستولى على نفوسهم قهر الخصم وفرض النفس على أية صورة، ولذلك يقول الله فيهم: {سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين}.
ووراء كل نزعة عدوانية وسياسة باطشة مجادلون بالباطل يعرفون الحق ويرفضون اتباعه. وقد تعرض الأنبياء لأذى أولئك الأشرار، كما تعرض أتباع الأنبياء في كل زمان ومكان لجورهم وكبرهم. ولكن الحياة الأرضية فترة اختبار يجب أن يتحمل الصالحون آلامها مهما فدحت، وإن ملائكة الرحمن لترقبهم من عليائها وتدعو لهم بالثبات والسداد.
ومن هنا جاء في هذه السورة: {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم}.
وفى سورة مؤمن آل فرعون آيتان في صدرها عن المجادلين بالباطل المعادين للإيمان.
والآية الثالثة جاءت على لسان الرجل المؤمن الغيور، وهو ينصح أهله الفراعنة ويحاول كفكفة شرهم. إنه يقول لهم: {ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به} إن يوسف وهو من دعاة التوحيد شرح أصول الدين الحق، وهاجم الوثنية السائدة وحكم مصر حكما حافلا بالعدل والرخاء، فهل دخل الناس أفواجا في دينه؟ كلا مازالوا في شك مما جاءهم به حتى مات. فلما أرسل الله من بعده موسى تكررت المأساة وامتد حبل الكفر على نحو أغلظ {كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار}.
والرجل المؤمن من آل فرعون محام من أقدر المحامين عن قضايا الإيمان، يرق حينا ويشتد حينا ويسفر حينا ويستخفي حينا ليستغرق أطول وقت ممكن في خدمة الحقيقة وتجليتها في بيئة يبسط فرعون فيها سلطانه ويفرض عليها عنفوانه. ودفاعه الموفق، وإن كان عن رسالة موسى إلا أنه دفاع عن رسالات الله كلها. وقد اقتبس منه أبو بكر بعض كلماته، وهو يرد عدوان المشركين عن صاحب الرسالة الخاتمة.. ضمور المعرفة مع تضخم الهوى بلاء لا آخر له، وعلاجه تكثير المعارف حتى يتسع الأفق النفسى، وتقوية الضمير حتى لا يلين للشهوات. والأفراد والجماعات في ذلك سواء. وفى سورة المؤمن نجد القرآن الكريم يكرر مرتين الأمر بالسياحة في أرجاء الأرض وفى أغوار الزمان، حتى يستفيد الإنسان ما يصوب فكره ويسدد وخطاه. قال تعالى: {أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة وآثارا في الأرض فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق}. والواقع أن التاريخ البشرى حافل بالعبر، وله قوانين تشبه قوانين الكون الطبيعى، ودراسة أحوال الأمم فيه تقيم المائل وترشد الحائر. وفى آية أخرى يقول جل شأنه {أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الأرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون}. ويكشف القرآن عن أسباب هذا الجماح المردى، واصفا إياه بأنه الغرور بالعلم القليل! وهذا الاغترار هو سر الجدال والمكابرة {فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون}. إن كثيرا من المخطئين لا يعرف من نفسه أنه مخطئ، بل يحسب نفسه راسخا في الصواب! وما يفيق إلا على قارعة تقصم كبره {إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير}. وهذا هو الموضع الرابع الذي تكرر فيه الجدال في هذه السورة، ومواجهة هذا الموقف تحتاج إلى صبر طويل وتوبة إلى الله واستعانة به. وهو معنى قوله تعالى: {فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار}. على أن هذا الصبر لا ينبغى أن يرتبط بتربص العقاب للمجرمين، فإن عقوبتهم قد تتأخر، وقد تجىء بعد موت المجاهد!! فليؤد واجبا بهمة، وليفوض النتيجة إلى علم الله وقدره، ولذلك تكرر الأمر بالصبر في قوله بعد ذلك {فاصبر إن وعد الله حق فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون}. وفى أوائل هذه السورة أمر بدعاء الله وحده، وإخلاص الدين له، وتجاوز غيره من الآلهة المزيفة، وإن التفت حولها جماهير: {فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء}.
والآية تصيح بأمجاد الله صياحا يزعج الذاهلين، ويذر في نفوسهم إحساسا غامرا بالبعث والجزاء، ويشرح وظيفة الرسل بأنها الإعداد الروحى ليوم اللقاء. ويتكرر هذا المعنى في السورة ثانية عند قوله تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين}. هل عبادة الله هدف ثانوى في هذه الحضارة؟ إنها ليست هدفا قط! قد تكون خاطرا عابرا عند بعض المتدينين المتخلفين! ولذلك وردت في هذه السورة ثلاث آيات مفتتحة كلها باسم الجلالة، تعريفا به وتذكيرا بحقه.
1- {الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون}.
إن صباحا جديدا يطل على الإنسان نعمة يستقبلها الرسول صلى الله عليه وسلم بالحمد والثناء قائلا: «الحمد لله الذي رد إلى روحى وعافانى في جسدى وأذن لى بذكره». فهل نتنفس هواء اليوم الجديد شاعرين بأن الحياة منحة نقدرها لصاحبها؟ أم نستأنف ما يملأ الدنيا من لغو ولهو، ونريق أعمارنا على التراب؟.
2- {الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم}. لست أدرى كيف تستقر الأرض بنا وهى تلص كل يوم حول نفسها، في الحين الذي تقطع فيه جزءا من دورتها حول الشمس؟ إن الذي يمسك بها وبالسماوات لا يأذن بخلل ولا اهتزاز. وقد شهدت زلزالا لم يستغرق نصف دقيقة كدنا نفقد فيه وعينا. إن القدرة الضابطة لحركة الأفلاك تطمئن النمال في جحورها ألا خلل ولا فوضى «سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضاء نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته».
3- {الله الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون ولكم فيها منافع}. إلخ.
كنت أرقب درسا في عالم الحيوان فسمعت المذيع يقول: يقدر العلماء الحشرات الزاحفة والطائرة في هذه الغابة بنصف مليار حشرة! كان هذا الإحصاء مفاجئا لى! قلت كم عدد الأنعام والطيور والحشرات في القارات الخمس؟ إن بينها قانونا من التوازن الطبيعى يضبط حياتها ومماتها، وعلاقاتنا بها {ويريكم آياته فأي آيات الله تنكرون}؟ إننا نحن البشر معجبون بأنفسنا، وقد نغتر بذكائنا وقدراتنا، لأننا لا ندرى من يسكن الكون معنا. لكن هذه السورة تجىء إلينا لتقول لنا {لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون}. فلنتواضع، ولنكسر سورات هذا الغرور.
بعض الناس قد يستريح إلى عقيدة ما أو منهج ما ثم يمضى في طريقه لا يلوى على شىء! لعله يؤثر الصمت أو يكره الجدال أو ييأس من إقناع الآخرين بصحة ما عنده وبطلان ما عندهم وهذا الصنف قليل في الدنيا، أو كان يمكن أن تتسع له الحياة قديما فيحيا وحده ويموت وحده! أما في عصرنا فإن العلاقات العامة فرضت نفسها على الناس، فما يستطيع أحد أن يعيش فريدا.. كان المثل المضروب قديما السلطان من لا يعرف السلطان أما الآن فهذا متعذر فإن من لا يعرف السلطان سيسعى السلطان إلى معرفته وفرض نفسه عليه..!!
إن الحكم الآن صنع شبكة من العلاقات المادية والأدبية تمنع أي فرد من أن يعيش في قوقعة ومعنى ذلك أنه لابد من الحوار والأخذ والرد وعرض وجهات النظر والاعتماد على الدليل في الإقناع والاقتناع وإعطاء الرأى المعارض حق الحياة مادام مصحوبا بالإخلاص والتجرد. ويضيف الإسلام إلى ذلك دفع السيئة بالحسنة {ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون} وترك اللجاجة تأخذ مجراها حتى يبت في مصيرها القدر فماذا تفعل لأناس يقولون لله {إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم}! وأنا احترم حرية الرأى إلى أبعد حد ولكنى أكره الغباء والافتراء ومساندة الدعوى بالعصا واستغلاق العقل بحيث تعجز كل مفاتيح الحقيقة عن فتحه! إن المكابرة رذيلة بغيضة!! وقد ووجه الإسلام من أول تاريخه بمجادلين طوال الأنفاس يرفضون الله الواحد ويستريحون إلى أوثان متعددة، يأنف أحدهم من السجود لقيوم السموات والأرض ويذل أمام حجر أصم! وقد استعرضت سورة غافر أحوال هؤلاء المجادلين في خمسة مواضع كان آخرها قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا} إن رد القرآن الكريم ليس تكذيبا له وحده، إنه تكذيب لكل وحى نزل، إنه تكذيب لموسى وعيسى ومحمد.. وقد نظرت إلى المتدينين في الغرب فإذا هم غثاء في تيار الحضارة الحديثة، يكرهون الإسلام لأن آباءهم كرهوه، فهل آمنوا بموسى وعيسى؟ وهل استعدوا بشىء للقاء الله؟
كلا إنهم جزء من الحضارة التي تعبد اليوم الحاضر وتكره اليوم الآخر، إن أقطار الغرب استباحت الشهوات والمظالم، واحتفت بالجنس الأبيض وتجهمت لسائر الأجناس. وما أنكر أن المسلمين فرطوا في تراثهم وخافوا رسالتهم ولكن ذلك، لا يمنع من التنبيه إلى الهاوية التي تجرنا إليها حضارة أضاعت الصلاة واتبعت الشهوات. اهـ.